تجربة دولة الهند في تعليم الكبار والتعليم المستمر

     تعتبر الهند مركز إشعاع ثقافي منذ الالف السنيين حيث كان يُدرس بها كافة المجالات كالفلسفة والعلوم والدين  والطب وغيرها مما جعلها تجذب الطلاب من شتى البلدان ويرجع هذا الى نظامها التعليمي المتكامل والحديث حيث تضم ارقى الجامعات والكليات والمعاهد وعلى الرغم من كثرة الصعوبات التي واجهتها في مجال محو الامية الا انها حققت إنجازات عظيمة في هذا المجال حيث بذلت جهودا مادية ومعنوية كبيرة للحد من الامية والقضاء عليها ولهذا تعتبر تجربة الهند من التجارب التي يجب ان تستفيد منها الدول النامية في مجال  تعليم الكبار والتعليم المستمر.

رائد مجال تعليم الكبار في الهند

   كان الدكتور شيب شاندرا دوتا رائدا في مجال تعليم الكبار مكرسا عمله لتعليم الكبار لأكثر من خمسين عاما ،ولد في البنجاب وتخرج في عام 1939 وحصل على درجة الماجستير في الفنون من جامعة دلهي عام 1946 وحصل على درجة الدكتوراة الفخرية في الآداب من جامعة كيمجي في كوريا عام 1979 وعمل في جمعية تعليم الكبار الهندية وأسس مجلس إدارة مكتب تعليم الكبار في اسيا والتي تسمى الان جمعية جنوب آسيا والمحيط الهادئ للتعليم الأساسي وتعليم الكبار وكان مستشارا لليونسكو للمؤتمرات الإقليمية الاسيوية في سايغون في عام 1962.

تعليم الكبار ومحو الامية في الهند

   مع تزايد الانفجار المعرفي والسكاني والثورة التكنولوجية والحاجة الكبيرة للعمال المهرة في مختلف المهن ظهرت الحاجة الماسة لتعليم الكبار في مختلف بلدان العالم ومن أكبر أسباب بطء الجهود الإنمائية هي الامية ولكن التعلم غير النظامي والتعلم المستمر كفيل بالإسراع بعملية التنمية حيث كانت تعاني الهند من امية خطيرة بلغت نسبتها 83% حسب الإحصاء الرسمي عام 1951م مقارنة بنسبة 94% في عام 1901م لهذا السبب سعت الحكومة الهندية للتقليل من هذه النسبة وقد نجحت في ذلك حيث انخفض معدل الامية في الهند الى 72.7%في عام 1960م 52% من الذكور و65.5% من الاناث وفي عام 2006بلغت نسبة الامية في الهند 40% حتى وصلت حسب احصائيات عام 2011م الى 18.33% اما نسبة المتعلمين فقد كانت في بداية القرن التاسع عشر تبلغ حوالي 3%وبعد حصول الهند على الاستقلال وصلت نسبة المتعلمين الى حوالي 52.21%في عام 1991م وتمتلك الهند أكبر عدد غير متعلمين في العالم حيث يبلغ عددهم  282مليون شخص ولهذا سعت الهند الى التوسع في مجال محو الامية لما له من فوائد عدة على الافراد والمجتمع بشكل عام ومنها احترام الذات وتحسين الأداء في العمل وتحسين الاتجاهات نحو التعليم المستمر والفئات التي تحتاج الى تعليم الكبار هي:

فئة الاميين الذين لم يلتحقوا بالتعليم المدرسي وفئة المتسربين الذين التحقوا بالتعليم المدرسي لكنهم تسربوا منه في أحد المراحل وفئة المتخرجين الذين اتموا الدراسة ولكنهم لم يحصلوا على عمل مناسب وفئة الكبار مهما كان مستوى تعليمهم حيث ان الفرد في حاجة للتعليم المستمر لمواجهة التغيير..

تعريف محو الأمية في الهند

   عرفت "بعثة محو الأمية الوطنية " محو الامية الوطنية بانها" اكتساب مهارات القراءة والكتابة والحساب والقدرة على تطبيقها على الحياة اليومية" ثم اعتمدت الهند تعريف اليونسكو (2003) في وثيقة الخطة الخمسية الثانية عشر والتي تنص على ما يلي: “محو الأمية هي القدرة على التحديد والفهم والتفسير والابداع والاتصال والحساب وتشمل ايضا استمرارية التعلم لتمكين الافراد من تحقيق أهدافهم ."

تجربة رائدة في تعليم الكبار في ولاية كيرلا الهندية:

   اهتمت ولاية كيرلا بتعليم الكبار وإقناع الاميين بان تعلم القراءة والكتابة حق لهم ونجحت في تخفيض نسبة الامية في الولاية بشكل كبير حيث كان معدل الامية في عام 1961تقدر ب 45% ثم انخفضت الى نسبة 24% في عام 1980 ثم الى نسبة 9%في عام 2001. 

 منظمات تعليم الكبار والتعليم المستمر في الهند

برنامج ساكشار بهارات:Saakshar Bharat

   أطلقت الحكومة الهندية في عام 2009 برنامج ساكشار بهارات بهدف تحقيق مستوى محو الامية بنسبة 80% على المستوى الوطني من خلال التركيز على محو الامية من النساء لتقليل الفجوة بين الإناث والذكور في نسبة الامية وله أربعة أهداف رئيسية وهي نقل المعرفة بالقراءة والحساب الى غير المتعلمين والحصول على العدل في نظام التعليم الرسمي وتعزيز برنامج تطوير المهارات وتعزيز تعليم المجتمع بتزويده بفرص الاستمرار بالتعلم. والهدف الرئيسي من البرنامج هو نقل المعرفة الوظيفية الى 70 مليون من البالغين غير المتعلمين في الفئة العمرية 15 سنة ويشمل ذلك 14 مليون من الطوائف الهندية و8 ملايين من القبائل و12 مليون من الأقليات و36 مليون اخرين وتستهدف حوالي 60 مليون من النساء. وتم تحديد 410 مقاطعة تابعة ل 27 ولاية.  تحت اشراف برنامج ساكشار بهارات